لا للموتِ غرقًا.. لا للهجرةِ سرًّا.. عشْ بحلمك ولكن!
تعدّ الهجرة ظاهرة تاريخيّة في حياة البشر والمجتمعات، دأب عليها الأفراد منذ عهود من الزمن، فهي من صفات البشر القديم تسمح بالانتقال من مكانٍ إلى آخر بحثا عن الاستقرار والحياة الكريمة وتحسين نمط العيش، لكن انتشار ظاهرة الهجرة غير النظاميّة وغير المنظّمة في الآونة الأخيرة بشكلٍ كبيرٍ، خلق آثار سلبيّة مُتعدّدة على الدولة الأصلية والدولة المضيفة، لذلك تسعى مختلف دول العالم لإيجاد الحلول المناسبة لهذه الآفة، حيث وضعت أغلبها قوانين ونواميس معمول بها تضبط المسألة، وتقنّنها كي لا تصبح جريمة واندفاع وهمجيّة متزايدة.
إنّ ما يحصل اليوم، وما نراه يحدث بشكل يومي من هجرة غير نظاميّة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، يبعث على الخوف والإزعاج لكلّ الأطراف بداية من البلد المهاجر منه إلى البلد المهاجر إليه على حدّ السّواء، ممّا خلق عديد التداعيات السلبية التي مسّت عديد الجوانب (اجتماعيّة، سياسيّة، أمنيّة...)، تسبّبت في ظهور خلل اجتماعي ونفسي يهدّد الضفتين، لذلك أنصح على كلّ شاب وكلّ فرد يفكّر في هذا النوع من الهجرة السرّية أنّ يفكّر طويلا وأن يتراجع عمّا ينوي القيام فأوروبا ليست "جنّة الله في الأرض"، ولا هي "أرض الميعاد"، عكس ذلك تماما، إذ أنّ أغلب بلدان أوروبا أصبحت عاجزة هي أيضا عن توفير الحياة الكريمة والعمل لمواطنيها بسبب الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة وأصبحت تتجه نحو بلداننا لما تحويه من ثروات وخيرات.
وبالتالي على الأفراد عدم الانجذاب وراء عمليّات اجتياز الحدود خلسة،وعلى شبابنا أن لا يطمع في إيجاد حياة البذخ في الضّفة الأخرى التي باتت تعاني هي بدورها صعوبة الحياة وضنك العيش، لقد كان ومازال الشعب الإيطالي من أكرم الشّعوب وأكثرها حفاوة ولكن الأزمة التي يمرّ بها العالم بأسره جعلته يقنن هذه الهجرة، ويحدّ منها ويختار من الأفراد من هو يستحق فعلا حتّى يضمن لك ولمواطنيه سبل الرّاحة والأمن، فكّر بكرامتك قبل أن تسافر بطريقة غير نظاميّة، وتصل إلى هناك وتدخل مضمار الجريمة والكسب السّهل لأنّه بهذا الصّنيع كنت قد حكمت على نفسك وعلى آلاف العائلات البريئة المقيمة هناك بالفشل والدّونية والإقصاء والتهميش ممّا يزيد الطّين بلة، ويساهم في تردّي الأوضاع على كلّ الأصعدة..
"عش بحلمك، وهذا حقّك، ولكن عليك أن تقوم بكلّ ذلك في كنف القانون والشفافيّة حتّى تضمن كرامتك ونجاحك وتألقّك في كلّ أرض حللت ولا تتّجه نحو طريق الخراب فهو لا يولّد غير الخراب وعلى القانون أن يكون صارما بشكل جدّي مع المهرّبين تجّار الموت كي لا نُفجع في فلذات أكبادنا ونخسر طاقتنا من الشباب".
* كمال الغريبي