عالـم اليوم تُدميه الصراعات والعدل هو الحل | جريدة الشروق التونسية
بقلم كمال الغريبي رئيس مجلس إدارة «مجلس الشركات الأوروبي لإفريقيا والشرق الأوسط»
المعاناة واحدة أينما حلّت وظهرت لا يوجد تسلسل تفاضلي أو طبقي للمعاناة البشرية فالمعاناة دائما واحدة ومزعجة أينما حلّت، وليس هناك شعب يستحقّها وآخر يخشاها، فمصالح العالم اليوم مترابطة للغاية بحيث لا يمكننا اختيار جانب للوقوف معه وإهمال جانب آخر ونكرانه. لا يمكننا أن نتعاطف مع جهة معينة ونخفّف أعباءها وننسى جهة ثانية ونؤذيها بناءً على ولاءاتنا الشخصية و إيديولوجيتنا الفكرية، لا يمكن أن نتجاهل بؤس الشّعوب المستضعفة معتقدين أن معاناتهم لا تدخل في دائرة إهتماماتنا. جميع ما يقلق ويزعج الإنسانية هو مصدر قلق عميق لنا سواء كان ناجما عن الحرب أو الصّراعات الأهلية والطائفية أو الفساد أو الفقر أو المجاعة أو الاتجار بالبشر إلى غير ذلك من مصائب الشعوب، وهنا يجب أن نتعلّم من أخطاء الماضي والتّاريخ. يجب أن نتخذ إجراءات موضوعية بناءً على إنسانيتنا المشتركة وحاجتنا إلى وحدة عالمية بدلاً من اتباع قوة عالمية واحدة مسيطرة. لم يعد بإمكاننا معالجة المشاكل طويلة الأمد التي تسببت في معاناة دائمة وغير ضرورية لمئات وآلاف الأشخاص بطريقة أنانية ترضي غايات الحكّام الشخصية. بل يجب معالجة جميع المشاكل بإنصاف وحيادية إذا أردنا تأمين نهاية طيبة للصّراعات الدائرة. لا يمكن للبلدان أن تتفاعل ببساطة مع مشكلة ما بطريقة مخصصة تعتمد على الرأي العام الموجّه ؛ يجب عليهم إنشاء رؤية طويلة الأجل لإنهاء التوتّرات التي قد تستمر لفترة طويلة حتى بعد مغادرتهم مناصبهم. من الضروري أن نوحّد جهودنا ونتّخذ خطوات لحلّ القضايا التي سبّبت لنا كل هذه الانقسامات. إذا تمكنا من توحيد عقولنا وقلوبنا وأرواحنا وتثقيفها في رؤية واحدة لعالم أكثر عدلاً ، فيمكننا إنهاء الكثير من العذاب والبؤس البشري. أعتقد أن الإجماع بين الدول لم يعد خيارًا ، بل هو ضروري لبقاء حضارة إنسانية. لقد أصبح العالم أصغر من أن يختار الولاء ولا يمكننا التغلب على خلافاتنا إلا من خلال الوحدة.